بقلم: بلقيس خيري شاكر البرزنجي
في أرض كوردستان العريقة، تشرق الشمس كالؤلؤة الكبيرة، منيرةً السماء بأشعتها الذهبية. تروي لنا قصة القرية الجبلية بأجمل التفاصيل. يرتفع صوت عزف المزارع على آلة الطنبور من أعلى قمة الجبل، بينما ينزل قطيع الغزلان الجبلية من على سفح الجبل برشاقة وهدوء، تبدو كأنها رقصة متناغمة مع الطبيعة. الطبيعة هنا خلابة، تجمع بين الجبال الشاهقة والوديان الخضراء.
يتدفق صوت خرير الماء من الجبل، وتنعكس عليه أشعة الشمس الذهبية، فيبدو لمعان وتلألؤ الشلال بمنظر خلاب، يأسر القلوب ويجذب الأنظار. طائر العقاب يحلق شامخًا في سماء قريتنا، كأنه ملك السماء الذي يراقب الجمال من فوق، برؤية ثاقبة وحكمة بالغة.
تلك الفتاة الكوردية الشقراء، بزيها التراثي الجميل، تغني بصوتها الجبلي العذب، كأن صوتها ينساب مع مياه الشلال، صوتها يجعل الجميع في حالة من الاسترخاء والسكينة، وكأن الطبيعة نفسها تردد ألحانها. ذلك الرجل المسن، يرتدي الشروال والجمداني، يجر الدابة كي يصعد على الجبل ليجمع الحطب في الصباح الباكر، تجاعيد كثيرة على وجهه تحكي ألف قصة لنا عن حياته الحافلة بالتجربة والخبرة.
عجوز القرية الطيبة، تطحن الحنطة مع بناتها وتخبز ألذ الخبز، رائحته تبعث فيّ الحياة والحنين إلى الماضي، كأن رائحة الخبز الطازج تفتح ذكريات الأجيال. تلك اللبوة الكوردية تقوم بجمع الحليب ووضعه في كيس خاص ثم ترجّه حتى يصبح زبدة طازجة لعائلتها، كأنها تقدم لهم قطعة من السعادة والطعام الصحي.
الأطفال في القرية يلعبون ويمرحون دون كلل أو ملل، يرمون بعضهم بكرات الثلج النازلة من الجبل، فتتعالى ضحكاتهم البريئة، كأن ضحكاتهم تملأ الدنيا فرحًا وسرورًا. أسير اتجاه الوادي، فألمح الفتاة الكوردية تقص ظفائرها وتضعها على قبر والدتها، يا له من تقليد أصيل يعكس تراث هذه الأمة وخصوصيتها، كأنها تودع حبيبها بكل حب واحترام.
أمر بجانب شجرة الجوز كي أجمع بعضًا منها وأضعها في سلتي، أشم رائحة الجوز الطازجة، كأنني أجمع ذكريات جميلة. أرى جاري وهو يخرج خلية النحل ويجمع العسل الجبلي، يهديني منه صحنًا وأعطيه من الجوز الذي جمعته، سعادة على محياه وابتسامة على شفتي وامتنان بداخلي لأن هذا الجمال الخلاب يحيط بي ويغمرني بنعيمه ودفئه، كأن الحياة تقدم لي درسًا في الجمال والتواضع.
تابعنا على