Type Here to Get Search Results !

الخبيرة في مجال التراث المهندسة أزهار اللعيبي في حوار خاص

 


حاورها / عبد العزيز حسين علي

س1 / في البداية يسعنا أن نتحدث بشيء عن البطاقة التعريفية واهم المعلومات الشخصية التي من الممكن أن نتعرف عليها؟ 

-أزهار جعفر هاشم اللعيبي ، تولد البصرة عام 1959 حصلت على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة البصرة عام 1981 وعينت بذات السنة في مفتشية آثار وتراث البصرة وتدرجت فيها حتى احالتي إلى التقاعد سنة 2019 بدرجة رئيس مهندسين أقدم . عملت بعدها مع شركة الإيمان للمقاولات العامة للإشراف على مشاريع المفتشية ولفترة قصيرة جدا بسبب تعرضي إلى حادث دهس أقعدني لأشهر عن ممارسة الحياة الطبيعية ؛ بعدها عملت مع المنظمة الدولية للثقافة والفنون ( اليونسكو) بعقد مؤقت لبدء العمل التنفيذي لصيانة المباني التراثية واستمر العقد لمدة سنة واحدة ولم يجدده بعدها بسبب وضعي الصحي نتيجة الحادث الذي تسبب بوضع مادة البلاتين في رجلي بسبب كسر مضاعف

س2 / كيف كانت تطلعاتك في مرحلة الطفولة وما هي المؤثرات او المواقف التي ساهمت في تكوين شخصيتك فيما بعد ؟ 

-كنت المدللة لدى أهلي ومن قبل والدي رحمه الله تحديدا وذلك لكوني البنت البكر و الأنثى الوحيدة على خمسة إخوة ذكور اسأل الله ان يحفظهم ، وعلى الرغم من كون والدي إنسان بسيط وكادح بالعمل إلا انه كان يخصص وقتا للكلام معي كل يوم لمناقشة الأوضاع العامة والخاصة مما جعلني التزم جانب الجد والاجتهاد في الدراسة حيث كنت حينها متفوقة في دراستي وأشارك في النشاطات المدرسية والمسابقات العلمية والرياضية كذلك كان يشجعني على ممارسة الأعمال اليدوية من الخياطة والتطريز . 

س3 / نبذة عن المراحل الدراسية التي مررتِ بها وكيف تجدين تأثير التعليم على بناء شخصية ووعي الإنسان؟ 

-في جميع مراحل دراستي الابتدائية والثانوية تلقيت الدعم والتشجيع من قبل المعلمات والمدرسات حيث كانت تجري مسابقات للشعر والخطابة والجميل ما في الأمر أيضا أن كل طالبة متفوقة توكل إليها مهمة رفع العلم في ساحة المدرسة يوم الخميس ؛ ولا أنسى طبعا دور والدتي رحمها الله في تهيئة الأجواء الدراسية والقيام بالأعمال المنزلية وكنت أساعدها في ذلك أيام العطلة.واغلب وقت فراغي كان لقراءة الكتب والروايات العالمية والعربية. في مرحلة الإعدادية بلغت من النضج الفكري مستوى ملحوظ جدا لا سيما في مادة الفيزياء حيث كنت أقوم بابتكار طرق جديدة لحل الأسئلة وكانت مدرسة المادة تهتم بذلك كثيرا وتناقشني في الحل وكانت كل من مدرسة اللغة العربية والانجليزية يطلبن مني ان أقف أمام الطالبات واشرح لهن موضوع الدرس بأسلوبي الخاص وطريقتي بالدراسة ؛ وأحبُّ الدروس إليّ هما مادتي الرياضيات والفيزياء كنت احصد بهما أعلى العلامات . أتذكر في امتحان الوزاري للسادس الإعدادي عام 1977 أمرت الوزارة حينها بإعادة الامتحان لكل المواد بسبب سرقة الأسئلة إلا إني وعلى الرغم من ذلك تفوقت و حصلت على معدل فاق المعدل المطلوب لدخول كلية الطب لكن رغبتي الشخصية كانت في الهندسة المعمارية ومع الأسف هذا القسم عندئذ كان ضمن أقسام جامعة بغداد وجامعة الموصل فقط مما اضطرني الأمر إلى دخول الهندسة المدنية التي كانت أعلى معدل في جامعة البصرة. المرحلة الجامعية كانت في موقع التنومة حينذاك وكنا مجموعة من الصديقات دخلنا نفس الفرع ؛ ندرس سوية ونتبادل الأفكار والمصادر ؛ في السنة الأخيرة من الدراسة الجامعية نشبت الحرب العراقية الإيرانية وكان لي أمل في إكمال الدراسات العليا ؛ إلا أن الوظيفة العامة وانشغالي في العمل بدائرة التراث والآثار حال دون ذلك. 

س4 / حدثينا عن أبرز اهتماماتك العامة وهل إن اتجاهك إلى مجال التراث كان عن رغبة منذ بدايات تطلعاتك أو أنه محض صدفة ؟ 

-التعيين في الآثار كان صدمة بالنسبة لي لان وجدت دراستي الأكاديمية في جهة وطبيعة عملي الجديد في جهة أخرى وكانت مفتشية الآثار حينها لا تمتلك الأثاث الكافي لاستقبال الموظفين لدرجة انه لا يوجد مكتب لجلوس الموظف وأنا حينها كنت مفعمة بالحيوية والنشاط ورغبتي في مزاولة أعمال لها علاقة بدراستي فقمت بتقديم نقل إلى دائرة أخرى وقابلت حينها رئيس المؤسسة العامة للآثار والتراث الذي غير من توجهي كثيرا بهذا الخصوص ورفض نقلي الى دائرة اخرى.والذي حثني على قراءة الكتب المختصة بصيانة المباني الأثرية والتراثية.  

س5 / حديثنا عن محطاتك الوظيفية وما هي أبرز المنجزات التي قمتِ بها أثناء الوظيفة ؟  

-عينت في عام 1981 بدائرة مفتشية آثار وتراث البصرة و أوكلت إليّ المهام والأعمال الآتية : رئيسة هيئة صيانة ضريح ابن الجوزي عام 1982. المشاركة في أعمال صيانة مدينة بابل الأثرية عام 1982. رئيسة قسم التراث في المديرية العامة لآثار ومتاحف المنطقة الجنوبية . عضو في هيئة التنقيب في جامع الإمام علي عليه السلام في منطقة الزبير عام 1987. عضو في هيئة تنقيب الطريق الدولي عام 1988. مهندسة مشرفة على أعمال صيانة جامع الكواز الأثري 1998-1999. مهندسة مشرفة على أعمال صيانة الوحدات السكنية التراثية في منطقة البصرة القديمة في الزبير 1999 – 2000. مهندسة مشرفة على أعمال صيانة متحف البصرة (مقر مفتشية الآثار حالية ) سنة 2000. مهندسة مشرفة على أعمال صيانة البيوت التراثية ( بيت الشيخ خزعل ودار عبد اللطيف المنديل ) سنة 2002. مهندسة مشرفة على أعمال صيانة ركن جامع الإمام علي عليه السلام عام 2002. مهندسة مشرفة على أعمال صيانة مقر بعثة التنقيب في الزبير سنة 2007 تعييني مفتش آثار البصرة سنة 2008م.ثم تعييني مفتش لاثار وتراث البصرة من 2010-2013.- شاركت في ورشة عمل بإشراف الحكومة المحلية (I.T.R ) للتدريب للعمل بنظام ( (GISنظام المعلومات الجغرافية( وتطبيقاته )في مجال السياحة والثقافة سنة 2009م. المشاركة مع لجنة الإشراف ( ممثل الآثار)في مشروع إعداد دراسة لترميم البيوت التراثية . رئيسة اللجنة المشرفة على أعمال صيانة دار الشاعر بدر شاكر السياب سنة 2012. المشاركة في صياغة خطة المحافظة والتطوير لمدينة البصرة القديمة ضمن برنامج تنمية المناطق المحلية الممول من قبل منظمة الأمم المتحدة للفترة 2016 – 2018. رئيسة لجنة اعداد الكشوفات التخمينية لمشاريع مفتشية اثار وتراث البصرة وتأهيله ليكون متحف تراثي وصيانة الوحدات السكنية في مدينة البصرة القديمة في الزبير وتم احالتها من قبل العقود الحكومية في محافظة البصرة الى شركة الايمان للمقاولات العامة وقريبا سيكون افتتاح المتحف التراثي في محافظة البصرة.

بأمر من معالي وزير الثقافة قمت بإعداد بحث مفصل حول البيوت التراثية في البصرة وتقرير حول إعادة تأهيلها وتم قبول ذلك من قبل منظمة اليونسكو الدولية . فضلا عن أعمال كثيرة أخرى ومشاركات عديدة في دورات وورش عمل خاصة حول التراث بشكل عام.

 س6 / شخصيات عامة أثرت فيكِ من خلال نتاجاتها او عطائها الخاص ساهمت في بناء شخصيتك؟ 

- من الشخصيات التي أثرت بي إيجابا أولا والدي رحمه الله تعالى ، و الدكتور مؤيد سعيد بسيم رئيس المؤسسة العامة للآثار والتراث الذي لم يوافق على نقلي وقال لي حينها أنت ترغبين. بالانتقال كونك لا تمتلكين ثقافة آثارية فقام وأهداني 12 كتابا من خيرة وأفضل الكتب التي أصدرتها المؤسسة لتثقيفي حول التراث والآثار . ومن الذين اثروا بي أيضا زوجي المرحوم السيد هاشم محمد علي ، كان يحب العمل الآثاري أكثر من أولاده ويتميز بالنزاهة والجدية العالية في عمله ؛ شغل منصب مفتش للآثار والتراث في البصرة زهاء 16 سنة بعدها عمل مستشارا لمحافظ البصرة بعد إحالته على التقاعد ؛ من الشخصيات أيضا الدكتورة فوزية المالكي التي شغلت منصب مدير عام التراث التي كانت تثق بعملي كثيرا وساعدتني في تحقيق طموحاتي الوظيفية في مجال التراث. 

س7 / تحدثي لنا بشكل عام عن مفهوم ( التراث) و كيف لنا أن نستثمره اليوم وهل هنالك اهتمام من قبل المجتمع ؟ 

- التراث هو مجموعة من الخبرات التاريخية المتراكمة على مر العصور التي يعيشها المجتمع حيث يحمل القيمة الاجتماعية والفنية والعلمية والتربوية . حيث يعتبر المكون الرئيسي للحضارة ويمثل الهوية الوطنية التي تعتبر جزء من الخبرات المتراكمة لدى الشعوب مرتبطة بالأخلاق والفن والعادات والتقاليد منذ مئات السنين وحتى يومنا هذا. ولكون التراث له أنواع التراث المادي والذي يشمل المباني التراثية وهنا تتحتم الضرورة الحفاظ عليها وصيانة المتميز منها وتأهيلها لتكون معلم ثقافي وسياحي . التراث غير المادي ما ينقل شفاها او يعبر عنه حركيا كاللغات واللهجات العادات والتقاليد والطقوس والمعتقدات والممارسات الشعبية والحرف والألعاب والأحاجي والألغاز والأمثال والحكايات الشعبية والأشعار المنقولة شفاها والغناء والموسيقى بأنواعها الريفية والبدوية والعسكرية وفنون الاستعراض والرقص الشعبي. وتكمن أهميته بما له من دور في التماسك الاجتماعي واحترام التنوع الثقافي والإبداع البشري وكذلك تعزيز قدرة الجماعات على بناء مجتمعات مرنة وسليمة وشاملة للجميع. اما بخصوص كيفية المحافظة على التراث ؛ نهجت المنظمات الدولية في العديد من البرامج التي ساعدت في حماية التراث من خلال العديد من الوسائل منها: - نشر المهن والحرف التقليدية ودعمها لتعود من جديد عبر إنشاء الورش التقليدية المتخصصة للحفاظ على هذه المهن والرفع من قيمتها وقوتها في السوق المحلية بل والدولية. 

 - تنظيم العديد من البرامج وورش العمل من اجل التوعية بأهمية التراث وتعليمه للأجيال القادمة. 

- إقامة الدورات التدريبية التي تستهدف ادوار معينة بهدف مناقشة القضايا التي تتعلق بالتراث. 

- إعادة التأهيل والنهوض بالتراث من خلال تنظيم العلاقة بين السياسات الوطنية وخطط العمل وتنفيذ المشاريع. وهناك تقبل للتراث من قبل المجتمع حيث نرى الشباب يطمح لإقامة العديد من المشاريع التي تحاكي التراث من خلال الأعمال الفنية سواء بالرسم او النحث او السينما او المسرح او التصميم . 

 س8 / هل مرت البصرة بفترة زمنية معينة شهدت ازدهار العمل التراثي ؟  

-لم تشهد البصرة ازدهارا للعمل التراثي مثل الآن ؛ في السابق كان الإهمال واضحا نتيجة الحروب والحصار لا سيما وان العوائل باعت ما تملك من أثاث تراثي قديم ولوازم تراثية من اجل العيش. 

س9 / هل هناك مواقع تراثية مخفية او غير معروفة وهي على درجة من الأهمية ؟

-نعم توجد خصوصا في الاقضية التي تحتوي على دور تراثية لم تتمكن الفرق المسحية المشكلة من الوصول إليها مثل قضاء القرنة وشط العرب وابي الخصيب ولا احدد أهميتها لاني لم اصل إليها . 

س10 / برأيك ما هو السبيل للوصول الى حالة من السيطرة الكاملة على ملف التراث للمحافظة عليه للأجيال القادمة ؟

- عندما يصبح المواطن لديه القابلية على صيانة داره التراثي وهذا من خلال تكاتف الدولة والمنظمات الدولية ومحبي التراث بتمويل صندوق التراث بالأموال . 

س11 / ما هي أهم المميزات التي يجب أن يتمتع بها الإنسان المشتغل في مجال التراث؟ 

-ان يتحلى بالتسامح ويبتعد عن التعصب وان يمتلك ثقافة عامة في المجالات المساندة الاخرى مثل الادب والفن التشكيلي والفنون الشعبية وغيرها . 

 س12/ كلمة أخيرة تودين قولها ؟ 

-في الختام أقول ان للتراث فلسفة خاصة تتمثل في تنوع النقوش والألوان والوحدات الزخرفية والعناصر التراثية تجسد للمتلقي خيالا واسعا حيث تبعث الراحة والجمال في النفوس. ولي أمل ان تتميز البصرة بطرز معمارية خالية من التشوه البصري الموجود حاليا في كثير من الأبنية الحديثة .

القسم