ثورة الأمام الحسين (عليه السلام) في 10 محرم سنة 61 هـ/ 680 م واحدة من أهم الثورات التي شهدها التاريخ الإسلامي، لا بل والتاريخ العالمي بشكل عام، لما تضمنته من مبادئ واهداف انسانية سامية، ولما تمخض عنها من نتائج هامة ذات تأثير بعيد المدى في حياة الإنسانية جمعاء.
ثورة الحسين او معركة كربلاء وتسمى أيضًا واقعة الطف، هي معركة وقعت على ثلاثة أيام وختمت في 10 محرم سنة 61 للهجرة والذي يوافق 12 أكتوبر 680م ،وكانت بين الحسين بن علي بن أبي طالب وبين يزيد ابن معاوية ابن ابي سفيان ، الذي أصبح المسلمون يطلقون عليه لقب «سيد الشهداء» بعد انتهاء المعركة، ومعه أهل بيته وأصحابه، وجيش تابع ليزيد بن معاوية .
تعدّ المعركة من أكثر المعارك جدلًا في التاريخ الإسلامي فقد كان لنتائج وتفاصيل المعركة آثار سياسية ونفسية وعقائدية لا تزال موضع جدل إلى الفترة المعاصرة، حيث تعدّ هذه المعركة أبرز حادثة من بين سلسلة من الوقائع التي كان لها دور محوري في صياغة طبيعة العلاقة بين السنة و الشيعة عبر التاريخ وأصبحت معركة كربلاء وتفاصيلها الدقيقة رمزا للشيعة ومن أهم مرتكزاتهم الثقافية وأصبح يوم 10 محرم أو يوم عاشوراء، يوم وقوع المعركة، رمزًا من قبل الشيعة «لثورة المظلوم على الظالم ويوم انتصار الدم على السيف»
رغم قلة أهمية هذه المعركة من الناحية العسكرية إلا أن هذه المعركة تركت آثارًا سياسية وفكرية و دينية هامة. حيث أصبح شعار «يا لثارات الحسين» عاملًا مركزيًا في تبلور الثقافة الشيعية وأصبحت المعركة وتفاصيلها ونتائجها تمثل قيمة روحانية ذات معاني كبيرة لدى الشيعة ، الذين يعتبرون معركة كربلاء ثورة سياسية على الظلم. بينما أصبح مدفن الحسـين في كربلاء مكانًا مقدسًا لدى الشيعة يزوره مؤمنوهم، مع ما يرافق ذلك من ترديد لأدعية خاصة أثناء كل زيارة لقبره. أدى مقتل الحسين إلى نشوء سلسلة من المؤلفات الدينية والخطب والوعظ والأدعية الخاصة التي لها علاقة بحادثة مقتله وألفت عشرات المؤلفات لوصف حادثة مقتله.
يعتبر الشيعة معركة كربلاء قصة تحمل معاني كثيرة «كالتضحية والحق والحرية» وكان لرموز هذه الواقعة حسب الشيعة دور في الثورة الايرانية وتعبئة الشعب الإيراني بروح التصدي لنظام الشاه، وخاصة في المظاهرات المليونية التي خرجت في طهران والمدن الإيرانية المختلفة أيام عاشوراء والتي أجبرت الشاه السابق محمد بن رضا بهلوي على الفرار من إيران ، ومهدت السبيل أمام إقامة النظام الإسلامي الشيعي في إيران .
*الامام الحسين (علية السلام ) في كربلاء:.
ذكرت أكثر المصادر التاريخية أن ركب الحسين بن علي وصل إلى كربلاء يوم الخميس المصادف للثاني من المحرم سنة إحدى وستين للهجرة.إلا الدينوري حيث ذهب إلى القول بأنّ الحسين وصل إلى كربلاء يوم الأربعاء المصادف لأول يوم من شهر محرم.ولم يزل الحرّ يساير الحسين، وكلمّا أراد المسير، يمنعونه تارة ويسايرونه اُخرى حتّى بلغ كربلاء، فلمّا وصلها، قال: ما اسم هذه الأرض؟ فقيل: كربلاء. فقال: اللهمَّ، إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء. وكان علي بن ابي طالب قد مرَّ بهذا المكان عند مسيره إلى صفّين ، فوقف فسأل عنه، فأُخبر باسمه، فقال: ها هنا محطّ ركابهم، وها هنا مهراق دمائهم! فَسُئل عن ذلك، فقال: ثقل لآل بيت محمّد ﷺ، ينزلون هاهنا!.
وقال الحسين: انزلوا، فها هنا مَحطُّ رحالنا، وسفك دمائنا، ومقتل رجالنا.ثمّ أمر الحسين بأثقاله، فحُطَّت بذلك المكان يوم الخميس الثاني من المحرم من سنة إحدى وستين وقيل يوم الأربعاء، غُرّة المحرّم من سنة إحدى وستين.وروي أنّ الحسين جمع ولده وإخوته وأهل بيته، ثم نظر إليهم فبكى ساعة، ثم قال: «اللهم إنا عترة نبيك محمد ﷺ وقد أخرجنا وطردنا وأزعجنا عن حرم جدّنا، وتعدّت بنو أمية علينا، اللهم فخذ لنا بحقنا، وانصرنا على القوم الظالمين». ثم أقبل على أصحابه، فقال: «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون».وجاء في بعض الأقوال أن الحسين اشترى الأرض المحيطة بقبره من أهل نينوى والغاضرية بمبلغ ستّين ألف درهم، ودفعها لهم صدقة بشرط أن يدلّوا الناس على قبره ويضيّفون القادم لزيارة قبره لثلاثة.
ولما نزل الحسين وأصحابه كربلاء في الثاني من المحرم كتب الحرّ بن يزيد الرياحي إلى عبيد الله بن زياد بالخبرفكتب عبيد الله بن زياد كتابًا إلى الحسين يقول فيه: أما بعد، إنّ يزيد بن معاوية كتب إليَّ أن لا تغمض جفنك من المنام، ولا تشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين على حكمي، أو تقتله والسلام. فلما ورد الكتاب قرأه الحسين ثم رمى به ثم قال: «لا أفلح قوم آثروا مرضاة أنفسهم على مرضاة الخالق». فقال له الرسول: «أبا عبد الله! جواب الكتاب؟». قال: «ما له عندي جواب، لأنّه قد حقّت عليه كلمة العذاب». فأخبر الرسول ابن زياد بذلك، فغضب من ذلك أشدّ الغضب وأمر بإعداد الجيش لمحاربة الحسين.
وجاءت واقعة الطفّ كقضيّة مأساويّة مثيرة للأشجان، لتحرِّك في الأمّة ضميرها وتعيدها نحو رسالتها وتبعث شخصيّّتها العقائديّّة من جديد. وكان من اللازم أن يقوم بهذا الدور مجموعة من الناس تمتلك قدرات ومقوّمات تجعل دورها فاعلاً ومؤثّراً في حياة هذه الأمّة الميتة، وكان أهمّ هذه المقوّمات - الّتي اجتمعت في ثورة الإمام الحسين عليه السلام -
ما يلي:
1- المقوّمات الشخصيّة للثائر: فالثائر الّذي يقود جبهة الحقّ كان إماما معصوماً يمتلك كلّ المواصفات القدسيّة بنصّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما كانت تدركه الأمّة، خصوصاً مع وجود عدد غير قليل من الصحابة الّذين عاصروا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسمعوا منه تلك الأحاديث بشأن الإمام عليه السلام.
2- قيام الحجّة: لكي لا تكون الثورة هامشيّة، فلا تعطي ثمرتها المرجوّة، فقد كان الثائر يمتلك الوثائق الكفيلة بإضفاء المشروعيّة على هذه الثورة، وأنّها الحلّ الوحيد والخيار الّذي لا بديل له. فقد كانت رسائل زعماء العراق إلى الإمام عليه السلام تطلب منه القدوم بإلحاح، كقولهم: "أمّا بعد، فقد اخضرّ الجناب وأينعت الثمار فإذا شئت فأقبل على جندٍ لك مجنّدة.
ولا شكّ أنّ عدم تلبية الإمام عليه السلام لهذه الطلبات سيُلزمه عليه السلام الحجّة في تفويت الفرصة، وبالعكس فإنّ المجيء سيُلزم الأمّة الحجّة إن هي خانت.
وكذلك الحال بالنسبة إلى التهديد الأمويّ للإمام عليه السلام إن لم يبايع، ولو بايع فإنّه في مثل هذه الحالة سيُعطي الوثيقة الشرعيّة للحكّام الأمويّين.
3- الشعار: ولكي لا تشوّه هذه الثورة ـ خصوصاً وأنّ الإمام عليه السلام قد علم بخيانة أهل الكوفة ـ أعلن الإمام عليه السلام عن أهدافها وطرح شعاراتها ابتداءً من المدينة حتّى يوم الملحمة الكربلائيّة. ثمّ إنّه وضع الأمّة أمام الخيارات الّتي لا مناص منها ليجعل من ثورته الأسلوب الوحيد أمام التحدّيات الكافرة.
4- المقوّم العاطفيّ: أي عمليّة إثارة المشاعر في نفوس المسلمين الّذين لم تحرِّك الأفكار المنطقيّة عقولهم.
ونحن اليوم وفي عصرنا الراهن حين تمر علينا ذكرى عاشوراء بحاجة ماسة الى أعادة استحضار سيرة أهل البيت (عليهم السلام) واستلهام الدروس والعبر من تلك السيرة المباركة العطرة التي تمثل الإسلام الصحيح لقد كانت لثورة الحسين أثرها الكبير في نفوس الأمة، وللأسف الشديد الارتباط الذي صاحب هذه الذكرى باحتفال الشيعة بذكرى استشهاد الحسين وهم من ضمن قتلته حين غدروا به وجعلوا سيوفهم عليه بعد أن بايعوه، هذا الموقف جعل أهل السنة يبعدون أنفسهم عن الاحتفال والفخر بحفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خرج للاصلاح في أمة جده، والأجدر في هذا أن نقول (نحن أحق بالحسين منهم) فجهاد الحسين ومن معه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك ثورة ابن الزبير رضى الله عنهما أظهرت أن الأمة لم تمت كما يحاول البعض أن يصورها، بل قاومت الملك العضوض بكل ما استطاعت من قوة ولكن كانت أقدار الله نافذة ولا راد لقضائه. فرضي الله عن سيد شباب أهل الجنة أول ثائر بحق فى الإسلام وجمعنا به في ظل عرش الرحمن.
*المصادر:.
1- المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة، السيّد عبد الحسين شرف الدين: 190.
2- أمالي الطوسي، أبو جعفر، محمّد بن الحسن: 677، تحقيق مؤسسة البعثة، دار الثقافة، قم، ط1، 1414هـ.
3- أعيان الشيعة، السيّد محسن الأمين: 4/146، دار التعارف، بيروت، ط 2، 1418هـ ـ 1997م.
4-الشيخ الصدوق (1970). الأمالي (ط. الأولى). النجف: المطبعة الحيدرية. مؤرشف من الأصل في 2021-11-04. اطلع عليه بتاريخ 31/10/2021.
تابعنا على